fbpx

The Educational Museum of Antiquities of the Faculty of Arts Alexandria University (EMAFAAU)

نشأة المتحف

يعد متحف الآثار التعليمى بكلية الآداب أقدم متحف تعليمى بمصر إذ أنشىء عام 1945 بعد سنوات قليلة من افتتاح جامعة فاروق الأول (1942) وهى جامعة الإسكندرية الآن. أقيم المتحف داخل كلية الآداب منذ أن كانت تشغل قصر الأمير عمر طوسون بالقرب من ترعة المحمودية فى منطقة لامبروسو. وفى عام 1947/ 1948 نقلت الكلية إلى المبنى الذى تشغله حاليا إدارة الجامعة على الكورنيش بمنطقة الشاطبى، وكان سابقاً ملجأ تابعا لإرسالية الفاتيكان. وبعد عشر سنوات نقلت الكلية ومتحفها مرة أخرى لتستقر فى المبنى الذى تشغله حالياً فى الشاطبى. متحفنا أيضا هو ثانى متاحف الإسكندرية بعد المتحف اليونانى الرومانى.

جاءت فكرة إنشاء المتحف مع تدفق اللقى الأثرية المكتشفة فى باكورة حفائر الجامعة فى الإسكندرية وفى الأشمونين، حيث رأى العالمان المصرى عبد المنعم أبو بكر والبريطانى آلان ويسAlan Wace  (أستاذ الآثار بجامعة كامبردج الذى عُيِّن أستاذا بجامعة فاروق الأول عام 1944)، أن الآثار التى تخرج من باطن الأرض فى حفائر الجامعة يجب أن توضع فى متناول الدارسين بكلية الآداب لدعم الدراسة الأثرية بها. لاقت الفكرة ترحيبا فى الجامعة التى كانت قد وضعت علم الآثار فى مقدمة العلوم التى تسعى إلى ترسيخها أكاديميا وميدانيا؛  ذلك أن مجلس جامعة فاروق الأول كان قد أصدر قرارا فى 27 يونيه 1943 بأن تتعاون الجامعة مع بلدية الإسكندرية ومصلحة الآثار المصرية فى وضع مشروع ينظم برنامجا متكاملا للتنقيب الأثرى  فى الإسكندرية وخارجها، واستجابة لهذا القرار أصدر أحمد نجيب الهلالى باشا، وزير المعارف العمومية والرئيس الأعلى لجامعة فاروق الأول، القرار الوزارى رقم 108 فى 4 يوليو 1943 الذى يقر بأن تضطلع الجامعة بهذا الدور الأكاديمى والميدانى الهام.

حفائر كلية الآداب: قامت كلية الآداب بعدد كبير من الحفائر بداية من عام 1944 وكانت تلك الحفائر المصدر الرئيس لتكوين مجموعة مقتنيات المتحف. من هذه الحفائر على سبيل المثال وليس الحصر: حفائر سنة 1944 في شرق المستشفي الأميري، حفائر سنة 1945 في الأشمونين بالمنيا، حفائر 1947 بكوم الناضورة بالاسكندرية، 1959 بالنوبة، 1976 بوادي جاسوس بسفاجا، 1982 بتل الفراعين بكفر الشيخ و 1983 بمنطقة الأهرامات بالجيزة.

مقتنيات متحف كلية الآداب

تكونت للمتحف منذ السنوات الأولى لإنشائه مجموعات ثرية تنوعت فى موضوعاتها ما بين آثار تعبر عن الحياة اليومية أو الشعائر الدينية أو الطقوس الجنائزية للمصريين عبر عصور تاريخهم الممتد من العصر الفرعونى إلى العصرين البطلمى والرومانى فالعصر البيزنطى ثم الإسلامى. ومع تنوع الموضوعات واختلاف وتعدد مناطق الحفائر التى خرجت منها الآثار، أصبحت مقتنيات المتحف معبرة عن التتابع والاستمرارية فى تاريخ مصر عبر العصور.

كانت الآثار الناتجة عن حفائر الكلية نواة لمقتنيات أخرى تجمعت للمتحف بعدة وسائل أخرى أهمها الإهداءات. بدأت الإهداءات تتدفق نتيجة لجهود مثمرة من كل من سليمان حزين ورزق الله مكرم الله مع مصلحة الآثار التى أهدت المتحف مجموعة قيمة. ثم قدمت دار الآثار العربية، التى أصبحت فيما بعد متحف الآثار الإسلامية، مجموعة أخرى من الآثار القبطية والإسلامية. وكان لحفائر الكلية فى منطقة جبل عداة ودورها فى إنقاذ جزء من آثار حضارة مروى، التى كانت مهددة بالاندثار، أثر لدى حكومة السودان الشقيق فأهدت للمتحف مجموعة قيمة من الآثار التى تعبر عن امتداد النتاج الحضارى لمصر فى الجنوب.

كان القانون المصرى فى النصف الأول من القرن العشرين يسمح بامتلاك الأفراد للآثار بل ولم يكن هناك ما يحظر تداولها فى الأسواق والاتجار فيها. فجاءت إهداءات للمتحف من بعض مثقفى الإسكندرية ممن كانت لديهم مجموعات أثرية خاصة أمثال أنطون بيناكى، منصور عبد السيد منصور، ناهمان Nahman وتانو Tano. وكان بعض من هؤلاء يشتغلون بتجارة العاديات فى الإسكندرية، فى ذلك الوقت كان نجيب ميخائيل إبراهيم –أول أمين  للمتحف عام 1945- مهتما بتعزيز مقتنيات المتحف بشراء بعض القطع الأثرية من تجار العاديات، فاشترى من توفيق سعد الرأس الرخامية الجميلة لصبى، ومن إدوار شحاتة قنواتى جاءت المومياء الوحيدة المعروضة بالمتحف (رقم 1282). أما منصور عبد السيد فقد باع آثارا ذات أهمية خاصة للمتحف، منها، على سبيل المثال لا الحصر، محراث فرعونى من الخشب، مجموعة أوانى الحضرة ذات الزخارف المتميزة، ومجموعة من التمائم، ورأس تمثال من الجرانيت الرمادى ومحبرة من الفاينس الأزرق.

يقتنى المتحف مجموعة نادرة من شواهد القبور البطلمية المرسومة بالألوان بطراز سكندرى متميز، ومجموعة أخرى من الشواهد الرومانية من طراز معروف باسم طراز كوم أبو بلّو، فضلا عن مجموعة شواهد تحمل نقوشا عربية من العصر الإسلامى، ومعظم هذه الشواهد مشتراة ولا نعرف مصدرها على وجه التحديد. الكثير من الأوانى الفخارية والمنحوتات الحجرية والمرمرية التى تنتمى للعصرين البطلمى والرومانى أيضا مشتراة وغير محددة المصدر. أما العملة فالمتحف يحتفظ بمجموعات قيمة تغطى فى تاريخها كافة عصور الحضارة المصرية. ويقتنى المتحف كذلك مجموعة قيمة من الأوانى الزجاجية من العصرين الرومانى والإسلامى بعضها مهدى من دار الآثار العربية من نتاج حفائر الدار فى موقع الفسطاط، والبعض الآخر مشترى.

كان نجيب ميخائيل أيضا صاحب فكرة إثراء المتحف ببعض النماذج المقلدة لقطع أصلية قديمة وكانت هذه النماذج تصنع فى ورش خاصة تابعة لمصلحة الآثار بالقاهرة، وتعد مجموعة المتحف مكملة للعرض المتحفى فى إطار استكمال الصورة الحضارية للفن المصرى فى مراحله المختلفة. فى عام 1947 تولى عبد العزيز مرزوق أمانة المتحف خلفاً لنجيب ميخائيل ونجح بمساعدة المشرفين العلميين على المتحف؛ عبد المنعم أبو بكر وأحمد فكرى، فى الحصول على بعض القطع الأثرية من دار الآثار العربية بالقاهرة. وفى عام 1959 وبعد عشر سنوات من  اختيار عبد السلام عبد السلام أميناً للمتحف، قام بنشر الدليل الأول والوحيد حتى الآن للمتحف وذلك تحت رعاية محمد خلف الله عميد كلية الآداب وقتذاك، والسيد مصطفى السيد رئيس الجامعة. وقد توالى على إدارة المتحف فى الفترة من 1960 إلى 1992 كل من رشيد فاضل ومحمد عبد العزيز محمود ونادية الرافعى وعنايات محمد أحمد، آمال عبد العظيم، هيام عبد اللطيف، وأخيرا عادل ماضى.

إجمالى عدد المقتنيات: 3000  (ثلاثة آلاف) قطعة أثرية أصلية

دور متحف كلية الآداب

يقوم المتحف بدور تعليمي حيث يسهم في دراسة تاريخ وآثار وحضارة مصر عبر العصور من خلال من يعرضه من مقتنيات. كما يسهم في البحث العلمي حيث قام عدد منأعضاء هيئة التدريس والباحثين وطلاب الدراسات العليا بدراسة ونشر عدد من مقتنيات المتحف. ولكن نظرا لغلق المتحف منذ 2011 لدواعى أمنية، وتأثر البنية الأساسية للمتحف بفترة الغلق الطويلة، فقد ظل المتحف مغلقا لحين توفر الإمكانيات اللازمة لحمايته وحماية مقتنياته. وبناء عليه فإن ما كان يقوم به المتحف من دور تعليمى قد توقف وبقي المتحف متاحا للبحث العلمى فقط، فى الوقت الذى تقوم الكلية فيه بمشروع للتوثيق والتسجيل والحماية للمقتنيات.  

مشروعات الكلية لتطوير المتحف

مرّ متحف الآثار التعليمى بالكلية بعدة مراحل للتطوير تم فيها إعداد البنية الأساسية للمتحف وتصميمه داخلياً. فبعد زلزال عام 1992 رأى عميد كلية الآداب، فتحى أبو عيانة، أن الترميمات المحدودة التى يمكن إجراؤها للأجزاء المتضررة من الزلزال بالمتحف غير كافية، لذا قرر البدء فى مشروع طموح لترميم المتحف وتطويره تطويراً شاملا. وخزِّنت مقتنيات المتحف مؤقتاً فى المتحف اليونانى الرومانى حيث تم ترميم بعض القطع. وقد واجه مشروع التطوير عدة صعوبات ومعوقات حتى عمادة فتحى أبو راضى (2001 - 2004) الذى عهد بالمشروع للمعمارى يسرى عزام يعاونه فريق من كلية الهندسة لإعداد التصميم المعمارى والتصميم الداخلى للمتحف. وتم بالفعل الانتهاء من المشروع فى فترة عمادة جمال حجر (2004- 2008) وأصبح المبنى معدا لاستقبال مجموعته الأثرية مرة أخرى.

جاء التصميم الداخلى للمتحف متميزاً وتمكن فريق من الكلية من إعداد سيناريو وتصميم للعرض. يقوم هذا التصميم على تقسيم العرض إلى ثلاثة أجزاء رئيسية تبدأ بالعصر الفرعونى ثم العصرين البطلمى والرومانى فالعصر الإسلامى. بينما تتداخل بعض النسخ الجصية لقطع أثرية شهيرة فى الأقسام الثلاثة وتنتهى بصالة صغيرة تقتصر على النسخ الجصية كبيرة الحجم. افتتح المتحف فى نوفمبر عام 2007 وتولت السيدة آمال عبد العظيم إدارته لتكون أول مدير للمتحف بعد تجديده.

وعلى الرغم من الجهود المضنية، فإن المتحف ما زال يعانى من بعض المشكلات من حيث بيئة العرض والتخزين، ومن حيث التسجيل والتوثيق لآثاره، ولعل هذه المشكلات تمثل هدفا رئيسا للمشروع المصرى – الفرنسى الجارى. بدأ المشروع المصرى – الفرنسى لتطوير المتحف فى فبراير 2009 بمبادرة من أشرف فراج عميد كلية الآداب الحالى ومنى حجاج أستاذ الآثار بالكلية، اللذين اقترحا على مركز الدراسات السكندرية المشاركة فى دراسة ونشر مجموعات مقتنيات المتحف فى إطار اتفاقية تعاون بين الطرفين. وكانت الفكرة أن ينهض بالدراسة فريق بحثى من باحثين أكاديميين مصريين وأجانب. وهكذا تكون فريق الباحثين المتخصصين الذين شرعوا فى دراسة المجموعات المحفوظة بالمتحف. وقد ظهرت باكورة هذا الإنتاج العلمى عام 2013 بنشر مجموهة الخزف الإسلامى فى العدد الأول من كتالوج المتحف باللغتين العربية والإنجليزية. وفى الطبعة الآن كتالوج مجموعة المقتنيات المصرية المتوقع صدوره قبل نهاية 2020.

فى إطار هذا المشروع قام فريق المرممين المتخصصين من مركز الدراسات السكندرية برئاسة هناء توفيق بالتردد على المتحف مصطحبين معهم أدوات تنظيف العملة، وقاموا بتنظيف وترميم 500 قطعة عملة من عصور مختلفة كانت مخزنة بالمتحف حتى صارت معدة للإضافة إلى سجل المتحف، وجاهزة للدراسة. ثم بدأت حملة التصوير العلمى المتخصص لمقتنيات المتحف على يد كل من أشرف حسنين وأندريه بل André Pelle وتم تصوير ما يقرب من 90% من القطع. وتجدر الإشارة إلى الجهد الكبير الذى قامت به آمال عبد العظيم مدير المتحف، وأمناء المتحف: هيام محمد عبد اللطيف، عادل ماضى، حسام سالم سامى، عمرو محيسن، غادة حسن، إيمان مجدى، يوسف أسامة، ورتيبة رمضان بالإضافة إلى المساعد سعيد على أبو اليزيد، أثناء تصوير مقتنيات المتحف وأثناء تنظيف العملة.

أنشأت الكلية قاعة ملحقة بالمتحف لتكون مقراً لمعمل ترميم يتبع قسم الآثار حيث يتم تدريب طلاب القسم على أعمال الترميم والصيانة، ولكى يخدم المعمل بالدرجة الأولى فى ترميم مقتنيات متحف الكلية وصيانتها، وقد تعطل تجهيز المعمل نظرا للظروف المالية القاسية التى تمر بها الجامعة.

لقد كان للجهود العلمية والميدانية التى بذلها علماء الآثار بالكلية أثر فى تعزيز الوعى بأهمية التراث المصرى وفى توجيه الأنظار نحو دور المتحف التعليمى فى تكوين جيل جديد من الأثريين المصريين يضطلع بدراسة حضارة وطنه بعد أن كان علم المصريات بوجه خاص وعلم الآثار بوجه عام من العلوم الغربية التى كنا متلقين لها دون الإسهام فيها.

يعمل بالمتحف حاليا مدير للمتحف و3 أخصائي آثار وعامل